
آلية إثبات التاريخ (Proof of History – PoH) تمثل حلاً ثورياً للتحقق من الوقت، اقترحه أناتولي ياكوفينكو مؤسس بلوكتشين سولانا عام ٢٠١٧. هذه الآلية ليست نظام إجماع مستقل، بل تعد دالة تأخير قابلة للتحقق (Verifiable Delay Function – VDF)، وتعمل كأداة مُساندة لأنظمة الإجماع، إذ توفر طريقة فعّالة لإثبات الطابع الزمني للمعاملات في شبكات البلوكتشين.
انطلقت فكرة PoH من الحاجة لحل مشكلة تزامن الوقت التي تواجه الشبكات التقليدية. ففي بلوكتشين مثل بيتكوين وإيثريوم، تضطر العُقد لإجراء عمليات اتصال معقدة حتى تتفق على ترتيب الأحداث، ما يحد من سرعة المعالجة. وتقدم PoH حلاً عبر إنشاء سجل زمني باستخدام عمليات تجزئة متوالية تُثبت وقوع الحدث عند نقطة زمنية معينة.
تقوم PoH، من الناحية التقنية، على سلسلة متواصلة من عمليات التجزئة. تتضمن كل تجزئة جديدة التجزئة المشفرة لما سبقها مع البيانات الحالية. ينشئ ذلك سلسلة زمنية غير قابلة للعكس، ما يُمكّن أي عقدة من التحقق المستقل لتسلسل الأحداث دون الحاجة للتواصل مع عقد أخرى لتحقيق الإجماع. بهذه الطريقة، توفر الآلية آلية توقيت دقيقة تمنح جميع المعاملات في الشبكة طوابع زمنية موثوقة.
يجمع بلوكتشين سولانا بين آلية PoH وآلية إثبات الحصة (Proof of Stake – PoS) في بنية إجماع فريدة، حيث تتولى PoH التحقق من التسلسل الزمني بينما يدقق PoS في صحة المعاملات. ويدعم هذا الدمج قدرة سولانا الاستثنائية على معالجة عشرات الآلاف من المعاملات في الثانية، متفوقاً بذلك على معظم الشبكات السائدة.
مع ذلك، تواجه PoH تحديات بارزة؛ فهي تتطلب من العُقد امتلاك قوة حسابية عالية، وهو ما يثير مخاطر مركزية الشبكة. كما أن تعقيد تطبيقها قد يكشف عن ثغرات أمنية لم تُكتشف بعد. لا يزال الاستقرار والأمان على المدى الطويل بحاجة إلى اختبارات عملية مع مرور الوقت.
رغم تلك التحديات، تُعد PoH ابتكاراً محورياً ضمن حلول توسعة البلوكتشين. من خلال معالجتها لمشكلة تزامن الوقت في الشبكات التقليدية، تفتح آفاقاً جديدة. وتساهم في بناء أنظمة موزعة عالية الأداء. ومع نضج التقنية وتوسّع تطبيقاتها، يُتوقع أن تصبح آلية إثبات التاريخ أحد الركائز الأساسية في مستقبل منظومة البلوكتشين.
مشاركة


